“البوابة العراقية” بغداد – تعالت أصوات العراقيين في الدول العربية التي تشهد أوضاعا أمنية غير مستقرة وتغييرات سياسية برغبتهم بالعودة إلى العراق، بعد ان لجأوا إلى هذه البلدان خوفا على أنفسهم من عمليات العنف.
لكن سرعان ما انخفضت هذه الأصوات مع تصريحات أطلقها القادة الأمنيين العراقيين حول عدم استقرار الوضع الأمني تزامنا مع عدم قدرة القوات الأمنية العراقية على تولي إدارة الملف.
وأسفرت ثورتان قادها شباب عن الإطاحة برئيسي تونس ومصر ولا تزال تهدد أنظمة الحكم في كل من سوريا واليمن وليبيا.
ويرى مراقبين للشأن العراقي ان قرار التريث بالعودة إلى العراق جعل الكثيرين يتخذونه نتيجة للصورة المأساوية للوضع في البلاد لدى المغترب العراقي مقارنة بما يمكن ان يعيش فيه في الدول الأوروبية.
ويقول استاذ علم الاجتماع في جامعة بغداد أكرم القيسي إن “التقارير غير المتوازنة لبعض وسائل الإعلام في العراق أثرت بطريقة سلبية على عودة المغتربين العراقيين من دول تعيش أوضاعا غير طبيعية”.
ويضيف أن “المغترب العراقي ما زال يعاني من عقدة الخوف من الوضع الأمني بعد هروبه من العراق خلال السنوات الأربع الماضية التي شهدت هجرة كبيرة للعوائل إلى خارج البلاد”.
من جهتها تصف رئيسة لجنة المهجرين والمرحلين والمغتربين بمجلس النواب، أوضاع المهاجرين العراقيين في سوريا بالمأساوي بعد زيارة أجرتها على رأس وفد من لجنتها الشهر الماضي.
وتشهد سوريا منذ نحو ثلاثة أشهر احتجاجات وصدامات للمطالبة بإصلاحات جذرية وإطلاق الحريات العامة ومنع احتكار السلطة لحزب البعث، وسط تصاعد الضغط الدولي.
وتؤكد النائبة لقاء مهدي وردي على أن “لجنتها قدمت توصيات عن أحوال الجالية العراقية في سوريا إلى هيئة رئاسة مجلس النواب وطالبته بدعم جميع الوزارات”، كون “معاناة العراقيين في الخارج على مستويات وأشكال مختلفة تخص مشاكلهم المعاشية وصعوبة حصولهم على جوازات سفر جديدة”.
وتشير النائبة وردي إلى أن “اغلب الجالية العراقية المتواجدة في سوريا كانت تنوي العودة إلى العراق، بسبب الأوضاع الأمنية الخطرة، إلا ان تصريحات بعض القادة الأمنيين العراقيين ووصفهم للوضع الأمني بالهش دفعتهم للتريث”.
وتلفت إلى ان اغلبهم قرر “انتظار الموافقة على طلب اللجوء للدول الأوروبية والأميركية عن طريق الأمم المتحدة”، كاشفة عن “تواجد 140 الف مهاجر عراقي في سوريا”.
من جانب آخر يبين المغترب العراقي بهاء إسماعيل، 46 سنة، وكان يعمل مهندس في إحدى الشركات بمصر انه وعائلته غادروها بعد 18 سنة “قضوها في القاهرة”.
وأشار إلى ان “أوضاع الجالية العراقية في مصر مزرية في ظل ظروف تواجه فيها تحديات متنوعة تتمثل بحالات الاعتقال العشوائية خاصة المغتربين من مختلف الجنسيات بينهم العراقيين”.
ويدعو المواطن إسماعيل الحكومة العراقية إلى “مراعاة التأثير النفسي على المواطنين العراقيين المتواجدين خارج البلاد، خاصة في تصريحاتهم عن الوضع الأمني”.
واضح ان “آلاف العراقيين تركوا خيار العودة إلى العراق بعد التصريحات الأخيرة للقادة الأمنيين التي وصفت الوضع الأمني في البلاد غير المستقر”.
ويطالب المغترب العراقي الحكومة “بإرسال موظفين من وزارة الداخلية لإصدار جوازات سفر جديدة للمقيمين ليتمكنوا من السفر خارج مصر أو العودة كما فعلت وعائلتي إلى العراق”.
إلى جانب ذلك يشير رئيس لجنة استقبال العائدين في وزارة الهجرة والمهجرين إلى ان “وزارته أعدت خطة شاملة لدعم عودة العراقيين اللاجئين في دول الجوار والعالم بالتعاون مع الجهات المعنية”.
ويوضح صفاء حسين أن “وزارة الهجرة والمهجرين استقبلت خلال الشهر الماضي عدداً من العوائل القادمة من ليبيا، وأشرعت لتشكيل لجنة طوارئ تعنى باستقبال ممن يرغب بالعودة من العراقيين المتواجدين في سوريا”.
ويذكر حسين ان “الوزارة تواصل دعم سياسة العودة الطوعية لفئات عاينتها بما فيهم العائدين من دول الجوار والمَهجر وهي ماضية في تسهيل وترويج معاملات عودتهم وتثبيت حقوقهم المنصوص عليها في قانون الوزارة”.
ونوه إلى انه استقبل أمس الأول طائرة لمهاجرين عراقيين من اليمن في مطار بغداد الدولي “على متنها 131 مهاجرا عراقيا”.
ويضيف ان “وزارة الهجرة والمهاجرين تبذل جهوداً استثنائيةً لاستقبال الأسر الراغبة بالعودة من دول الجوار على خلفية الاضطرابات الحاصلة في الدول العربية كمصر وليبيا واليمن”.
وشهد العراق بعد أحداث العام 2003 هجرة غير مسبوقة للعوائل العراقية إلى دول الجوار وأوروبا على خلفية تدور الوضع الأمني في البلاد، وتركزت هذه الهجرة أيام الاحتقان الطائفي في عامي 2006 و 2007