تستشرى بين الفينة والأخرى تساؤلات من المثقفين والدارسين عن أهمية الفلسفة ومدى فائدتها ووظيفتها في المضمار الحياتي . وإذا كان هذا الأمر الاستفهامي يكمن في قصور ابيستمولوجي إزاء ذلك فيمكن لنا توضيح وإيضاح ذلك حيث أن أهميتها تكمن في البحث عن ماهيات الأشياء واقانيمها وعلاقة بعضها مع بعض ومع الإنسان والوجود الإنساني أنها تطلع دائب إلى الآفاق البعيدة والأسس العامة ، أنها تعرف الوجود على مظاهر الكون ووقائعه وأحداثه وتلمس لأسبابها البعيدة وإيجاد تعليل منطقي معقول لها وردها إلى أصل واحد يتسق الكون بأسره ، أنها نشدان لعنصر الوحدة الكامن وراء الكثرة وتعقب للانسجام المختبئ خلف غشاء كثيف في وجوه التنوع والتفرع والاختلاف .
إذن فهي التعبير الواعي المنظم عن المفاهيم القاعدية التي تستند وترتكز اليها المعرفة وعن القيم الأصيلة للوجود الإنساني .
وفائدتها أنما تتجلى في إقامة العقلية وتجميع ما يمكن تجميعه وتحليله من عناصرها وعواملها الأولية في محاولة لإعادة تكوينها وبناءها من جديد واستخلاص ما يراد استخلاصه منها على ضوء المعطيات والحقائق .
أن الاشتغال بالحقل الفلسفي يعطي مدى التحاليل والتناسيق التكاملية لحل المشكلات والمعضلات العلمية وتفكيك الأزمات والعقبات الايديولوجيه ومن ثمة استساغة الأفكار على نحو شاكلة خلاقة تتيح تكوين العلاقة الغائية بين الفلسفة والمناهج الأخرى .
ويبقى التساؤل عن الوظيفة الفلسفية : فهي تتجه نحو التعبير عن الدوافع والاهتمامات ، العقائد والايديس ، المثل والقيم السائدة في احد العصور التاريخانيه وإعادة تنظيمها وتركيبها وبلورتها من جديد وتنظيم التجربة والانسانيه كلها كلما كان ذلك ممكنا وهي في ذلك كله تتأثر بطبيعة الحال بالمستوى العقلاني السائد الذي يحدد ويقيد مضمونها ومحتواها النظري الرئيس.
أن الفلسفة هي دينامية متموجة مستمرة تستلهم الماضي وتبني المستقبل في صراع الحاضر وتلاطم أمواجه .
