كثيرا ما تكون مواضيع التربية الأسرية الخاصة بالتربية موجهة بالأساس للأبناء، لكن في هذا الكتاب الذي سأحاول عرض فقرات منه يتطرق الكاتب الدكتور أحمد كافي لموضوع تربية الأبناء من خلال "حضور الآباء في حياة الأبناء"، ويقول عن كتابه:
"هذا الكتاب هدية إلى الآباء والأمهات وأولياء الأمور الذين اتخذوا الحضور في حياة أبنائهم عبادة، لصناعة الرجال والنساء: القادة والأئمة لهذه الأمة..
وهو أيضا رسالة إلى الغائبين عن فلذات الأكباد، ان يستدركوا ما فات، ويجبروا ما وقع من النقص والتقصير، فالعمر لغرس سنابل الخير أمامكم..
والقدوات من الأنبياء والصالحين تغري بقراءة ما كانوا عليه من الحضور والشهود"
وفي ما يلي أقتبس أول فقرة الكتاب، راجية من الله أن يجازي صاحبه، وأن تلقى القبول والإستحسان لدى الآباء والمربين..
تربية الأبناء في القرآن والسنة النبوية
موضوع الأبناء من المواضيع التي شغلت أوقات المؤدبين والمربين، وأرقت الآباء كيف السبيل إلى مطامح العز والإمامة في الدنيا والآخرة في نسل الحرث الطيب، القائم على كلمة الله السامقة.
وقد كثرت عليه الأيدي، فاغترفت منه على حد جهدها ونصيبها، فمنهم من نزع نزعا كبيرا ومنهم دون ذلك، ومنهم من أتى في نزعه ضعف. ولذلك أسباب ومقدمات أوصلت إلى تلكم النتيجة.
وأعظم من نزع النزع الكبير المتعالي في الميدان الذي تقر فيه الأعين وتستكين فيه الأنفس، من كان منطلقه من ذلك من القرآن الكريم، والسنة والسيرة النبويين، والمحلى بآثار السلف الصالحين الصحابة والتابعين لهم على الأخذ بالإحسان.
ولم تزل ينابيع الوحي وتجارب الصالحين في هذه الأمة تأتي بخير الثمار، ويانع الثمرات في الأبناء حتى نفشت غنم الغرب في ميدان تربية الأبناء وإصلاح شأنهم، ودخلت وأدخلت نظريات تقتبس من حضارة كانت لها الخصومة مع الأنبياء معروفة ، ومع وحي الله عز وجل شنآن واعتداء غير منكور، فجاءت الثمار التي أصابها رذاذ النفش الغربي رديئة متعبة، فتنادى القوم: ماذا حصل؟ كيف حصل؟
وعندما يطالع الإنسان سيرة أكرم الأنبياء، مع عمله الكبير في مجال العقيدة والأخلاق والمعاملات، ورد الناس الشاردين عن منهج الأنبياء، كفرا ومعاصي اقترفتها أيديهم وتدهورا في القيم. ومع هذا التشعب العظيم تجد له حضورا في حياة الأبناء بما لا ينزل مرتبة عن ما سيق ذكره.